Posts

أين هنّ الفيلسوفات؟ "سؤالٌ صعبٌ، سؤالٌ يراودني"

  محاولة أولى لتفعيل زر الكتابة. هذه المهارة التي ربما تُفقد الكتابة رونقها، و ربما تنقلها لمكان أفضل و تطوّعها في يدي بدل انتظار ما يسمى بالإلهام. لطالما فكّرتُ في ما أريد الكتابة عنه اليوم. في الحقيقة، من أكثر الأشياء متعة في بداية رحلة الكتابة كمسار مهني هذه، أنني و طوال حياتي لطالما فكّرت أنني يوماً ما سأكتب عن هذا الموضوع أو ذاك. أنا الآن في "يومٍ ما"، اليوم المنتظر، الذي اتضح أن طول الإنتظار لم يقلل من جماله. وقتما جلستُ حاملةً جهازي، أشعر أنني كاتبة بالفعل. لا أحمل هذا الشعور للأسف بقية أوقاتي، و لكنني هنا و الآن.. كاتبة. رغم افتقادي دفتري وقلمي و حميمية الكتابة بخط يدي. رجوعاً لموضوع اليوم الذي أريد ضغط زر الكتابة للكتابة عنه. منذ صغري و الناس يطلقون عليّ "متفلسفة"، أغلبهم -أو هكذا اعتقد- بصورة سلبية. لم يؤثر هذا الشيء على ما أسموه فلسفة أبداً، ربما كنت بينما أكبر تقلُّ أسئلتي لمن هم حولي، و أكبتُ فضولي، و لكني كنت محظوظة بالقدوم في عهد التكنولوجيا، حيث المعلومات لا حدود لها. منذ أول جلوس لي أمام جهاز كمبيوتر متصل بالانترنت، و أنا أُبحرُ بين سيول المعلومات ا...

الحلقة الأخيرة (منشور على منصة فيسبوك بتاريخ 6 فبراير 2017)

  في هذه اللحظة تبدو لي فكرة الحلقة الأخيرة جذابة جداً ماذا لو كان لحياة كل منا حلقة أخيرة؟  تترتب فيها الأوضاع و ينال كل ذي حق حقه وكل ذي عقاب عقابه و يحدث فيها ما ظل يرغب به البطل او البطلة كل شخص كان قد فهم خطأً امراً ما ، يفهم الحقيقة كل من حمل بداخله شيئاً تجاه أحد، يُخرِجُه كثير من الغفران و كثير من السعادة  أو الحزن..  و تتضح الأمور و حتى إن ابتعدنا عن النهاية السعيدة  و كانت هذه الحلقة الاخيرة تعج بالصدمات و انتهت بموت البطل أو سجنه أو حزنه الأبدي لعل اتضاح و ترتيب كثير من الأمور مع نهاية مثل هذه أفضل من تركها "تجوط" مع سعادة مؤقتة تخديرية  تعجبني حبكة الحلقات الأخيرة  كيف يتزايد عدد المشاكل و عمقها لنستمتع بالنهاية حقاً  ربما يريد الكاتب أن يُشعرنا أنها كلما ضاقت فُرجت أو أن كثير من الحزن يتبعه كثير من النضج تتبعه كثير من السعادة  أو أننا لابد أن نتعلم..  حيث يعرض لنا نتائج ما فعلته الشخصيات واضحة  سيئةً كانت أم جيدة او ربما يريد زيادة عدد المشاهدات فقط بزيادة التشويق هل يمكننا إسقاط الفكرة على حياتنا؟  أم لهذا وُجدت ح...

يوم في حياة الطفلة التي هي أنا (كُتب بتاريخ 3 مارس 2022)

 كان الوقت عصراً، قبل المغيب بقليل. كل هذه الروايات و الأفلام التي تصوّر لنا أن هذا الوقت ساحر ومميز، لم تكذب أو تبالغ رغم ابتذالها. كان عمرها عشر سنوات، تجلس بسطح منزلهم الذي تحبه جداً، و يشكّل لها الملجأ من كل ضجة الحياة و الاستفهامات التي لا تفارق رأسها. تجلس تتأمل المارّة و السيارات، و تختار منها ما يعجبها كأنها ستشتريها. قررت في إحدى المرات رسم هذا المشهد لأنه بالطبع يستحق التخليد، كانت الرسمة غير احترافية بالمرة ولكنها أعجبتها جداً. في ذلك اليوم - و ربما في يوم آخر - انتبهت أنها تحب الغناء و تحفظ كماً هائلاً من الأغاني. سرحت بأفكارها في احتمالية أن تصبح مغنية، و أنها ستتعلم الكثير من الآلات الموسيقية، ستكتب و تلحّن أغانيها الخاصة. سيكون لها جمهور قليل و لكنّه مخلص. بعقلية الفتاة ذات العشر سنوات بدا الأمر بغاية السهولة. لم يكن ذلك حلمها الوحيد، فكما كانت تحلم بالغناء بينما تغني، كانت تحلم أن تصبح عالمة عندما تدرس العلوم. وتقدم للبشرية الكثير من الاكتشافات المبهرة و المهمة. و تحلم عند سماعها للراديو أن تصبح مذيعة، لها برامج مثيرة للاهتمام و مختلفة عن كل ما تسمعه ولا يعجبها. كان...

أيام الحرب الأولى (في وقت ما بين 15 مايو و حتى 30 يونيو من 2023)

لا أحد لديه ما يكفي من الطاقة لتصبير الآخر، و لا ما يكفي من الأمل كذلك. لا يوجد ما يكفي من الحقائق للاقتناع باحتمالية مستقبل أفضل. حياتي كما أعرفها ولَّت بلا رجعة. لم أعلم آخر مرة قابلت صديقاتي أنها ستكون الأخيرة، آخر مرة نجتمع فيها بسهولة. و بماذا كانت ستفيدني معرفتي؟ كانت فقط لتزيد من حزني، و لكن ربما من تقديري للحظة أيضاً. أعلم أن الحياة دائماً ما تمضي، و لكن كيف ستمضي وأنا لا أرى مستقبلاً؟ تشرُّد. كل شخص أحبه سيكون بمكان مختلف، و أنا لست بخير، و الوطن ليس بخير. وحيدةٌ بين أحاسيسي التي لا تُحتمل، و مخاوفي التي لا ترحم، نوبات الهلع، القلق و الاكتئاب. أخاف من تكرار الماضي و من رعب الحاضر، و المستقبل المجهول، المجهول جداً. 

الرضا في عصر الرأسمالية (بتاريخ 30 أبريل 2025)

 وجدت في أحد الأيام وأنا أهيم داخل المنشورات و الفيديوهات القصيرة - متعةً أو هرباً من أفكاري لا أعلم - منشوراً لشخص أحترمه جداً. لا تجمعني به علاقة شخصية بالطبع، لكني أحترم ما أعرفه عنه. المنشور كان بسيطاً جداً، لا أتذكر نصه و لكن معناه كان ما يلي "الرضا عدو الإنسان الأول" الفكرة كانت بالتأكيد تشير إلى الرضا بمعنى التوقف عن الإنجاز وعدم الرغبة في المزيد منه نتيجة لما يصدر من ذلك من خمول في الفعل و الفكر و كل الجوانب.  لم أعارض في حياتي شيئاً بقدر هكذا مقولة، مع احترام القائل و تفهُّم هدفه، أرى دائماً أن السعي الدائم نحو "الإنجاز" بمفهومه السائد هو مرضنا كجيل. لقد أتينا في زمن و ظروف يصعب فيها حتى بقاؤك على قيد الحياة، ومع ذلك ترى الجميع محمّلون بثقل ما يمكن إنجازه. نظرياً، لا حدود لما يمكن. من الممكن أن تصبح بطلاً/بطلة عالمياً في رياضةٍ ما، أو أشهر صانع/ة محتوى، أو عالماً/ة قديرة. فقط إذا اجتهدت بما فيه الكفاية. هذا "الممكن" أصبح بشكل ما عدوِي الأول. نعم هو ممكن، و لكن ماذا عن المسؤوليات التي تجبرك على اختيار طرق فقط لأنها أكثر ضماناً؟ ماذا عن الفرص الغير ...

من هو الكاتب؟ (كُتب بتاريخ 18 أبريل 2025)

  لطالما نظرت لنفسي ككاتبة، في انتظار الوقت المناسب، أو الحالة الذهنية المناسبة. و لكن أليست هذه الحالات الذهنية غير المناسبة، ما تسبب في كثير من أروع الكتابات؟ في عام 2018، أظن أنني وجدت نفسي. قضيت الكثير من الوقت بمفردي منذ بداية العام. أستمع لما أحب من مغنيين طوال الوقت (و اكتشفُ مغنيين و مغنيات جدد)، أقرأ كتباً تساعدني في الغوص أعمق في ذاتي. "كافكا على الشاطئ"، "إحدى عشرة دقيقة"، "قواعد العشق الأربعون" على سبيل المثال لا الحصر. ربما صاحب هذا الاكتشاف لنفسي بعض الاكتئاب، و لكن لا شيء مجاني في هذه الحياة أليس كذلك؟ أخرج أحياناً في صباح ماطر، أتمشى في شوارع حيّنا والأحياء القريبة. بينما أتأمل، وأتفكّر. كم من الصعب الحصول على يوم مثل تلك الأيام الآن، في وقتها لم أكن أحمل ُ ما أحمله الآن من هموم و جراح و مسؤوليات. كان من السهل كتابة قصيدة، و إكمال رواية في جلسة واحدة. كان من السهل إطلاق العنان لخيالي و التفكير في أشياء مثل أنني يوماً ما سأوثّق بكتاب أو كتب، فلسفتي للحياة. مثل "كانت" - الذي كنت مولعة به في ذلك الوقت - أو "أرسطو" أو حتى ...

الثنائيات، إلى أين؟ (كتب بتاريخ 18 أبريل 2025 )

    في هذا المساء، ممتلئة بالحنين لأشياء ملكتها و أشياء لم أملكها يوماً، أشعر بانعدام فظيع في الرغبة تجاه أي شيء وكل شيء. "لا شيء يعجبني" كما قال محمود درويش. "لا الراديو ولا صحف الصباح ولا القلاع على التلال أريد أن أبكي". لا أنا قادرة على هذا الفراغ العريض، و لا أنا قادرة على ملئه بأي شيء. أجلس فقط و أنا اتخيل انني ربما غداً أملك الطاقة لفعل ما يجب فعله. و ما هو ما يجب فعله؟ هل من المنطقي الإقدام على العمل بمجال لا يقدم لي أي نوع من أنواع الشعور بالإنجاز فقط لأنني أملك الشهادة الجامعية؟ أم يجب عليَّ أن أواصل بحثي عن ما يجب أن أفعله بشغف، بحب، و برضا. بتُّ أظن أن المشكلة ليست أنني لا أعلم ما هو هذا الشيء، و لكنني أخاف أن أعلم. أخاف أن أقرر أن هذا هو مساري المهني في الحياة، لأنني لطالما شعرت أنني سأفعل شيئاً مهما. و سأكون شيئاً مهماً، في نظر نفسي و لا أحد آخر. أخاف أن أُقدم على ذلك، ثم أفشل. أفكر كثيراً، ربما بإمكاني أن أكتب، أو امتهن الموسيقى فلطالما شعرت أنها تملكني منذ ولادتي ولا مهرب لي منها سوى إليها.  أو ربما يمكنني أن أعود لبلدي، لا يهم ما سأفعله هناك كمصدر دخ...