Posts

انتهى المسلسل.. كيف كانت حياتي قبله؟

  لكل شيء نهاية. كم هي فكرة حزينة جداً، أو مريحة جداً على حسب من أين تُطِل عليها. تلك الأيام المليئة بالعادية الجميلة المملة التي سرعان ما نعتادها حتى ننصرف عن تقديرها، ستنتهي. الأوقات البائسة التي نشعر فيها كما لو أننا بداخل بئرٍ عميق و نرى الحياة خارجه تسير بصورة طبيعية جداً و لكنها بعيدةً عنّا، ستنتهي هي الأخرى. العلاقة التي نراها كملجأ لطيف من بؤس الحياة و تبدو في حالة معقولة من الاستقرار، من الممكن أن تنتهي أيضاً، و في حالة استمرارها لا بد من وداع أحد الطرفين للآخر في النهاية. هكذا حُكم على البشري بالنهاية. أغرق في هذا المسلسل الذي تُشعرني أجواؤه بالدفء، لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً لا أفعل أي شيء غير أساسيات الحياة و هذا المسلسل. إنه من نوعية المسلسلات التي لا تعتمد على الإثارة و الأحداث غير المتوقعة، يعتمد فقط على ارتباط المُشاهد بالشخصيات والأحداث العادية جداً. هذا المسلسل أيضاً، ينتهي. بعد أسابيع من استخدامه للهروب من الأفكار و المخاوف و حتى المسؤوليات، يتركني هنا في مواجهة كل شيء مرة أخرى. قد اختار البحث عن ملهيات أخرى كالعادة و لكنني أريد أن اختار المواجهة هذه المرة. فكل ما...

نظرة زمنية على التصوير الفوتوغرافي في السودان

  من أول صورة التقطها مستعمر بريطاني على ضفاف النيل، إلى صورة مصعب أبو شامة لعريس أثناء الحرب، لم تكن الكاميرا مجرد آلة بل كانت أداة سلطة، ثم أداة مقاومة، ثم أداة تمثيل ذاتي. هذا المقال يتتبع التحولات البصرية في صورة السودان عبر عدسات سودانية وغير سودانية. الاستعمار و التصوير: دخل التصوير الفوتوغرافي بمفهومه الحديث إلى السودان من خلال المستعمر لتوثيق ما كان يراه إنجازات و خلق روايته التي يريد للعالم أن يراها عن المستعمَرين. فقد ركزت الصور التي ظهرت في تلك الفترة على الجيوش و الصور التي تعكس استقرار حياة الناس، لفرض نظرة إيجابية على تلك الفترة و حكم المستعمر. متجاهلة بشكل واضح كل الجوانب التي لا ترضي تلك النظرة، من ثورات و أوضاع إنسانية مزرية. هوية جديدة: بينما ركزت صور المستعمر على أنماط معينة تخدمها، ركزت صور رواد التصوير في السودان أمثال رشيد مهدي و جاد الله جبارة على سردية سودانية مستقلة، عكست ثقافة السودانيين المتنوعة، حياتهم الاجتماعية و ثوراتهم. ظهرت أساليب جديدة على السودان في ذلك العهد كأرشفة الصور و المناسبات العائلية. حافظ "الرشيد مهدي" كمصور مستقل و عصامي على ستودي...

The Journey Through Hell

In my father's days, finding a job seemed to be the immediate result of just wanting a job. A person would graduate, find a job, stick with it, and make a family. So how come it’s super hard for us right now, no matter how qualified we are, to find a job? In this piece of writing, I’m going to try and take a look at the reasons why the reality of job hunting is the way it is in our time. Why is it so hard? For starters, this is not a research-based article. So I’m not going to talk about obvious circumstances like economic slowdowns, oversaturated markets, higher competition, or even more serious reasons like wars and being a citizen of what the “first world” calls "developing countries”. This is simply a journey in the mind of a job hunter, thinking about why landing a job and keeping it seems to be nearly impossible, wherever you are and whoever you are nowadays. Everyone I know has struggled at some point in their lives to find a job, some for years, some -including myse...

أين هنّ الفيلسوفات؟ "سؤالٌ صعبٌ، سؤالٌ يراودني"

  محاولة أولى لتفعيل زر الكتابة. هذه المهارة التي ربما تُفقد الكتابة رونقها، و ربما تنقلها لمكان أفضل و تطوّعها في يدي بدل انتظار ما يسمى بالإلهام. لطالما فكّرتُ في ما أريد الكتابة عنه اليوم. في الحقيقة، من أكثر الأشياء متعة في بداية رحلة الكتابة كمسار مهني هذه، أنني و طوال حياتي لطالما فكّرت أنني يوماً ما سأكتب عن هذا الموضوع أو ذاك. أنا الآن في "يومٍ ما"، اليوم المنتظر، الذي اتضح أن طول الإنتظار لم يقلل من جماله. وقتما جلستُ حاملةً جهازي، أشعر أنني كاتبة بالفعل. لا أحمل هذا الشعور للأسف بقية أوقاتي، و لكنني هنا و الآن.. كاتبة. رغم افتقادي دفتري وقلمي و حميمية الكتابة بخط يدي. رجوعاً لموضوع اليوم الذي أريد ضغط زر الكتابة للكتابة عنه. منذ صغري و الناس يطلقون عليّ "متفلسفة"، أغلبهم -أو هكذا اعتقد- بصورة سلبية. لم يؤثر هذا الشيء على ما أسموه فلسفة أبداً، ربما كنت بينما أكبر تقلُّ أسئلتي لمن هم حولي، و أكبتُ فضولي، و لكني كنت محظوظة بالقدوم في عهد التكنولوجيا، حيث المعلومات لا حدود لها. منذ أول جلوس لي أمام جهاز كمبيوتر متصل بالانترنت، و أنا أُبحرُ بين سيول المعلومات ا...

الحلقة الأخيرة (منشور على منصة فيسبوك بتاريخ 6 فبراير 2017)

  في هذه اللحظة تبدو لي فكرة الحلقة الأخيرة جذابة جداً ماذا لو كان لحياة كل منا حلقة أخيرة؟  تترتب فيها الأوضاع و ينال كل ذي حق حقه وكل ذي عقاب عقابه و يحدث فيها ما ظل يرغب به البطل او البطلة كل شخص كان قد فهم خطأً امراً ما ، يفهم الحقيقة كل من حمل بداخله شيئاً تجاه أحد، يُخرِجُه كثير من الغفران و كثير من السعادة  أو الحزن..  و تتضح الأمور و حتى إن ابتعدنا عن النهاية السعيدة  و كانت هذه الحلقة الاخيرة تعج بالصدمات و انتهت بموت البطل أو سجنه أو حزنه الأبدي لعل اتضاح و ترتيب كثير من الأمور مع نهاية مثل هذه أفضل من تركها "تجوط" مع سعادة مؤقتة تخديرية  تعجبني حبكة الحلقات الأخيرة  كيف يتزايد عدد المشاكل و عمقها لنستمتع بالنهاية حقاً  ربما يريد الكاتب أن يُشعرنا أنها كلما ضاقت فُرجت أو أن كثير من الحزن يتبعه كثير من النضج تتبعه كثير من السعادة  أو أننا لابد أن نتعلم..  حيث يعرض لنا نتائج ما فعلته الشخصيات واضحة  سيئةً كانت أم جيدة او ربما يريد زيادة عدد المشاهدات فقط بزيادة التشويق هل يمكننا إسقاط الفكرة على حياتنا؟  أم لهذا وُجدت ح...

يوم في حياة الطفلة التي هي أنا (كُتب بتاريخ 3 مارس 2022)

 كان الوقت عصراً، قبل المغيب بقليل. كل هذه الروايات و الأفلام التي تصوّر لنا أن هذا الوقت ساحر ومميز، لم تكذب أو تبالغ رغم ابتذالها. كان عمرها عشر سنوات، تجلس بسطح منزلهم الذي تحبه جداً، و يشكّل لها الملجأ من كل ضجة الحياة و الاستفهامات التي لا تفارق رأسها. تجلس تتأمل المارّة و السيارات، و تختار منها ما يعجبها كأنها ستشتريها. قررت في إحدى المرات رسم هذا المشهد لأنه بالطبع يستحق التخليد، كانت الرسمة غير احترافية بالمرة ولكنها أعجبتها جداً. في ذلك اليوم - و ربما في يوم آخر - انتبهت أنها تحب الغناء و تحفظ كماً هائلاً من الأغاني. سرحت بأفكارها في احتمالية أن تصبح مغنية، و أنها ستتعلم الكثير من الآلات الموسيقية، ستكتب و تلحّن أغانيها الخاصة. سيكون لها جمهور قليل و لكنّه مخلص. بعقلية الفتاة ذات العشر سنوات بدا الأمر بغاية السهولة. لم يكن ذلك حلمها الوحيد، فكما كانت تحلم بالغناء بينما تغني، كانت تحلم أن تصبح عالمة عندما تدرس العلوم. وتقدم للبشرية الكثير من الاكتشافات المبهرة و المهمة. و تحلم عند سماعها للراديو أن تصبح مذيعة، لها برامج مثيرة للاهتمام و مختلفة عن كل ما تسمعه ولا يعجبها. كان...

أيام الحرب الأولى (في وقت ما بين 15 مايو و حتى 30 يونيو من 2023)

لا أحد لديه ما يكفي من الطاقة لتصبير الآخر، و لا ما يكفي من الأمل كذلك. لا يوجد ما يكفي من الحقائق للاقتناع باحتمالية مستقبل أفضل. حياتي كما أعرفها ولَّت بلا رجعة. لم أعلم آخر مرة قابلت صديقاتي أنها ستكون الأخيرة، آخر مرة نجتمع فيها بسهولة. و بماذا كانت ستفيدني معرفتي؟ كانت فقط لتزيد من حزني، و لكن ربما من تقديري للحظة أيضاً. أعلم أن الحياة دائماً ما تمضي، و لكن كيف ستمضي وأنا لا أرى مستقبلاً؟ تشرُّد. كل شخص أحبه سيكون بمكان مختلف، و أنا لست بخير، و الوطن ليس بخير. وحيدةٌ بين أحاسيسي التي لا تُحتمل، و مخاوفي التي لا ترحم، نوبات الهلع، القلق و الاكتئاب. أخاف من تكرار الماضي و من رعب الحاضر، و المستقبل المجهول، المجهول جداً.